فصل: ذكر الحرب بين بلج وابني عبد الملك ووفاة بلج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ **


  ذكر قتل البطال

في هذه اسنة قتل البطال واسمه عبد الله أبو الحسين الأنطاكي في جماعة من المسلمين ببلاد الروم وقيل‏:‏ سنة ثلاث وعشرين ومائة وكان كثير الغزاة إلى الروم والإغارة على بلادهم وله عندهم ذكر عظيم وخوف شديد‏.‏

حكي أنه دخل بلادهم في بعض غزاته هو وأصحابه فدخل قرية لهم ليلًا وامرأة تقول لصغير لها يبكي‏:‏ تسكت وإلا سلمتك إلى البطال‏!‏ ثم رفعته بيدها وقالت‏:‏ خذه يا بطال‏!‏ فتناوله من يدها‏.‏

وسيره عبد الملك مع ابنه مسلمة إلى بلاد الروم وأمره على رؤساء أهل الجزيرة والشام وأمر ابنه أن يجعله على مقدمته وطلائعه وقلا‏:‏ إنه ثقة شجاع مقدام فجعله مسلمة على عشرة آلاف فارس فكان بينه وبين الروم وكان العلافة والسابلة يسيرون آمينين وسار مرة مع عسكر للمسلمين فلما صار بأطراف الروم سار وحده فدخل بلادهم فرأى مبقله فنزل فأكل من ذلك البقل فجاءت جوفه وكثر إسهاله فخاف أن يضعف عن الركوب فركب وصار تجيء جوفة في سرجه ولا يجسر ينزل لئلا يضعف عن الركوب فاستولى عليه الضعف فاعتنق رقية فرسه وسار عليه ولا يعلم أين هو ففتح عينه فإذا هو في دير فيه نساء فاجتمعن عليه وانزلته إحداهن عن فرسهوعسلته وسقته دواء فانقطع عنه ما به وأقام في الدير ثلاثة أيام ثم إن بطريقًا

حضر الدير فخطب تلك المرأة وبلغه خبر البطال وتبعه فقتله وانهزم أصحاب البطريق وعاد إلى الدير وأقى الرأس إلى النساء وأخذهن وساقهن إلى العسكر فنقل أمير العسكر تلك المرأة فهي أم أولاد البطال‏.‏

  ذكر عدة حوادث

قيل‏:‏ وفي هذه السنة قتل كلثوم بن عياض القشيري الذي كان هشام بعثه في أهل الشام إلى أفريقية حيث وقعت الفتنة بالبربر‏.‏

وفيها ولد الفضل بن صالح ومحمد بن إبراهيم بن محمد بن علي‏.‏

وفيها وجه يوسف بن عمر ابن شبرمة على سجستان فاتقضى محمد بن عبيد الرحمن بن أبي ليلى‏.‏

وحج بالناس هذه السنة محمد بن هشام المخزومي وكان عمال الأمصار من تقدم ذكرهم قيل‏:‏ وكان على الموصل أبو قحافة ابن أخي الوليد بن تليد العبسي‏.‏

وفيها مات إياس بن معاوية بن قرة قاضي البصرة وهو الموصوف بالذكاء‏.‏

وزيد بن الحارث اليامي‏.‏ومحمد بن المنكدر بن عبد الله أبو بكر التميم تيم قريش وقيل‏:‏ مات سنة ثلاثين وقيل‏:‏ إحدى وثلاثين وكتبه أبو بكر‏.‏

ويزيد بن عبد الله بن قسط ويعقوب بن عبد الله بن

  ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين ومائة

  ذكر صلح نصر بن سيار مع الصغد

وسبب ذلك أن خاقان لما قتل في ولاية أسد تفرقت الترك في غارة بعضها على بعض فطمع أهل الصغد في الرجعة إليها وانحاز قوم منهم إلى الشاش فلما ولي نصر بن سيار أرسل إليهم يدعوهم إلى الرجوع إلى بلادهم وأعطاهم ما أرادوا كانوا ينالون شروطًا أنكرها أمراء خراسان منها‏:‏ أن لا يعاقب من كان مسلمًا فارتد عن الإسلام ولا يعدى عليهم في دين لأحد منن الناس ولا يؤخذ أسراء المسلمين من ايديهم إلا بقضية قاضٍ وشهادة عدول‏.‏

فعاب الناس ذلك على نصر بن سيار وقالوا له فيه فقال‏:‏ لو عاينتم شوكتهم في المسلمين مثل ما عاينت ما أنكرتم ذلك‏.‏

وأرسل رسولًا إلى هشام بن عبيد الملمك في ذلك فأجابه إليه‏.‏

  ذكر وفاة عقبة بن الحجاج ودخول بلج الأندلس

في هذه السنة توفي عقبة بن الحجاج السلولي أمي رالأندلس فقيل‏:‏ بل ثار به أهل الأندلس

فخلعوه وولوا بعده عبد الملك بن قطن وهي ولايته الثانية وكانت ولايته في صفر من هذه السنة وكانت البربر قد فعلت بإفريقية ما ذكرناه سنة سبع عشرة ومائة وقد حصروا بلج بن بشر العبسي حتى ضاق عليه وعلى من معه الأمر واشتد الحصر وهم صابرون إلى هذه السنة فأرسل إلى عبد الملك بن قطن يطلب منه أن يرسل إليه مراكب يجوز فيها هو ومن معه إلى الأندلس وذكر ما أنزل عليه من الشدة وأنهم أكلوا دوابهم‏.‏

فامتنه عبد الملك من إدخالهم الأندلس ووعدهم بإرسال المدد إليهم فلم يفعل‏.‏

فاتفق أن البربر قويت بالأندلس فاظطر عبد الملك إلى إدخال بلج ومن معه وقيل‏:‏ إن عبد الملك استشار أصحابه في جواز بلج فخوفوه من ذلك فقال‏:‏ أخاف أمير المؤمنين أن يقول‏:‏ أهلكت جندي لإأجازهم وشرط عليهم أن يقيموا سنة ويرجعوا إلى إفريقية فأجابوه إلى ذلك وأخذ وهائتنهم وأجازهم‏.‏

فلما وصوا إليه رأى هو والمسلمون ما بهم من سوء الحال والفقر والعري لشدة الحصار عليهم فكسوهم وأحسنوا إليهم وقصدوا جمعًا من البربر بشدونة فقاتلوهم فظفروا بالبربر فأهلكوهم وغنموا مالهم ودوابهم وسلاحهم فصلت أحوال أصحاب بلج وصار لهم دواب يركبونها‏.‏

ورجع عبد الملك بن قطن إلى قرطبة وقال لبلج ومن معه ليخرجوا من الأندلس فأجابوه إلى

ذلك فطلبوا منه مراكي يسيرون فيها من غير الجزيرة الخضراء لئلا يلقوا البرابر الذين حصروهم‏.‏

فامتنع عبد الملك وقال‏:‏ ليس لي مراكب إلا في الجزيرة‏.‏

فقالوا‏:‏ إننا لا نرجع نتعرض إلى البربر ولا نقصد الجهة التي هم فيها لأننا نخاف أن يقتلونا في بلادهم‏.‏

فألح عليهم في العود فلما رأوا ذلك ثاروا به وقاتلوه فظفروا به وأخرجوه من القصر وذلك أوائل ذي القعدة من هذه السنة‏.‏

فلما ظفر بلج بعبد الملك أشار عليه أصحابه بقتل عبد الملك فأخرجه من داره وكأنه فرخ لكبر سنة فقتله وصلبه وولي الأندلس وكان عمر عبد الملك تسعين سنة وهرب ابناه قطن وأمية فلحق أحدهما بماردة والآخر بسر قسطة وكان هربهما قبل قتل أبيهما فلما قتل فعلا ما نذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

  ذكر عدة حوادث

في هذه السنة أوفد يوسف بن عمر الحكم بن الصلت إلى هشام يطلب إليه أن يستعمله على خراسان ويذكر أنه خبير بها وأنه عمل بها الأعمال الكثيرة ويقع في نصر بن سيار فوجه هشام إلى دار الضيافة فأحضر مقاتل بن علي السعدي وقد قدم من خاسان ومعه مائة وخمسون من الترك فسأله عن الحكم وما ولي بخراسان فقال‏:‏ ولي قرية يقال لها لفارياب سبعون ألفًا

خراجها فأسره الحارث بن سريج فعرك أذنه وأطلقه وقا‏:‏ أنت أهون من أن قتلك‏.‏

فلم يعزل هشام نصر بن سيار عن خراسان‏.‏

وفي هذه السنة غزا نصر بن سيار فرغنة غزوته الثانية فأوفد وفدًا إلى العراق عليهم معن بن أحمر النميري ثم إلى هشام فاجتاز بيوسف بن عمر وقال له‏:‏ يا بن أحمر أبلغبكم الأقطع على سلطانكم يا معشر قريش‏!‏ قال‏:‏ قد كان ذاك فأمره أن يعيبه عند هشام فقال‏:‏ كيف أعيبه مع بلائه وآثاره الجميلة عند وعند قومي فلم يزل به قال‏:‏ فيم أعيبه أعيب تجربته أم طاعته أم يمن نقيبته أو سياسته قال‏:‏ عبه بالكبر‏.‏

فلما دخل على هشام ذكر جند خراسان ونجدتهم وطاعتهم فقال‏:‏ إلا أنهم ليس لهم قائد‏.‏

قال‏:‏ ويحك‏!‏ فما فعل الكناني يعني نصرًا‏.‏

قال‏:‏ له بأس ورأي إلا أنه لا يعرف الرجل ولا يسمع صوته حتى يدني منه وما يكاد يفهم منه من الضعف لأجل كبره فقال شبيل بن عبد الرحمن المازني‏:‏ كذب والله وإنه ليس بالشيخ يخشى خرفه ولا الشاب يخشى سفهه بل هو المجرب وقد ولي عامة ثغور خراسان قد آثر معنًا وأعلى منزلته وشفعه في حوائجه فلما فعل هذا أجفى القيسية فحضروا عنده واعتذروا إليه‏.‏

وحج بالناس هذه السنة يزيد بن هشام بن عبد الملك‏.‏

وكان العمال في الأمصارهم العمال في وفيها مات محمد بن زاسع الأزدي البصري وقيل‏:‏ سنة سبع وعشرين‏.‏وفيها توفي جعفر بن إباس‏.‏

وفيها مات ثابت البناني وقيل‏:‏ سنة سبع وعشرين وله ست وثمانون سنة‏.‏

وفيها توفي سعيد بن أبي سعد المقبري واسم أبي سعيد كيسان وقيل‏:‏ مات سنة خمس وعشرين وقيل ست وعشرين‏.‏

ومالك ابن دينار لزاهد‏.‏

  ثم دخلت سنة أربع وعشرين ومائة

  ذكر ابتداء أمر أبي مسلم الخراساني

قد اختلف الناس في أبي مسلم فقيل‏:‏ كان حرًا واسمه إبراهيم بن عثمان ابن بشار بن سدوس بن جودزده من ولد بزرجمهر ويكنى أبا إسحاق ولد بأصبهان ونشأ بالكوفة وكان أبوه أوصى إلى عيسى بن موسى السراج فحمله إلى الكوفة وهو ابن سبع سنين فلما اتصل بإبراهيم بن محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس الإمام قال له‏:‏ غير اسمك فإنه لا يتم لنا الأمر إلا بتغيير اسمك على ما وجدته في الكتب فسمى نفسه عبد الرحمن بن مسلم ويكنى أبا مسلم فمضى لشأنه وله ذؤابه وهو على حمار بإكاف وله وتسع عشرة سنة وزوجه إبراهيم الإمام ابنة عمران بن إسماعيل الطائي المعروف بأبي النجم وهي بخراسان مع أبيها فبنى بها أبو مسلم بخراسان وزوج أبو مسلم ابنته فاطمة من محرز بن إبراهيم وابنته الأخرى أسماء من فهم ابن محرز فأعقبت أسماء ولم تعقب فاطمة وفاطمة هي التي تذكرها الخرمية‏.‏

ثم إن سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم ولا هزبن قريظ وقحطبة بن شبيب توجهوا من خراسان يريدون مكة سنة أربع وعشرين ومائة فلما دخلوا الكوفة أتوا عاصم بن يونس العجلي وهو في الحبس قد اتهم بالدعاء إلى ولد العباس ومعه عيسى وإدريس ابنا معقل العجليان وهذا إدريس هو جد أب دلف العجلي وكان حبسهما يوسف بن عمر مع من حبس من عمال خالد القسري ومعهما أبو مسلم يخدمهما قد اتصل بهما فرأوا فيه العلامات فقالوا‏:‏ لمن هذا الفتى فقالا‏:‏ غلام معنا من السراجين يخدما وكان أبو مسلم يسمع عيسى وإدريس يتكلمان في هذا الرأي فإذا سمعهما بكى فلما رأوا ذلك منه دعوه إلى رأيهم فأجاب‏.‏

وقيل‏:‏ إنه من أهل ضياع بني معقل العجلية بأصبهان أو غيرها من الجبل وكان اسمه إبراهيم ويلقب حيكان وإنما سماه عبد الرحمن وكناه أبا مسلم إبراهيم الإمام وكان مع أبي موسى السراج صاحبه يخرز الأعنة ويعمل السورج وله معرفة بصناعة الأدم والسروج فكان يحملها إلى أصبهان والجبال والجزيرة والموصل ونصيبين وآمد وغيرها يتجر فيها‏.‏

وكان عاصم بن يونس العجلي وإدريس وعيسى ابنا معقل محبوسين فكان أبو مسلم يخدمهم في الحبس بتلك العلامة فقدم سليمنان بن كثير ولا هز وقحطبة الكوفة فدخلوا على عاصم فراوا أبا مسلم عنده فعجبهم فأخذوه وكتب أبو موسى السراج معه كتابًا إلى إبراهيم الإمام فلقوه بمكة فأخذ أبا سملم فكان يخدمه‏.‏

ثم إن هؤلاء النقباء قدموا على إبراهيم الإمام مرة أخرى يكلبون رجلًا يتوجه معهم إلى خراسان‏.‏

فكان هذا نسب أبي مسلم على قول من يزعم أنه حر‏.‏

فملا تمكن وقوي أمره ادعى أنه من ولد سليط بن عبد الله بن عباس وكان من حديث سليط بن عبد الله بن عباس أنه كانت له جارية مولدة صفراء تخدمه فواقعها مرة ولم يطلب ولدها ثم تركها دهرًا فاغتنمت ذلك فاستنكحت عبدًا من عبيد المدينة فوقع عليها فحبلت وولدت غلامًا فحدها عبد الله ابن عباس واستعبد ولدها وسماه سليطًا فنشأ جلدًا ظريفًا يخدم ابن عباس وكان له من الوليد بن بد الملك منزلة فادعى أنه ولد عبد الله بن عباس ووضعه على أمر الوليد لما كان في نفسه من علي بن عبد الله بن عباس وأمره بمخاصمة علي فخاصمه واحتل في شهود على إقرار عبد الله بن عباس بأنه ابنه فشهدوا بذلكعند قاضي دمشق فتحامل القاضي ابتاعًا لرأي الوليد فأثبت نسبه‏.‏

ثم إن سليطًا خاصمعلي بن عبد الله في الميراث حتى لقي منه علي أذى شديدًا وكان مع علي رجل من ولد أبي رافع مولى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منقطعًا إليه يقال له عمر الدن فقال لعلي يومًا‏:‏ لأقتلن هذا الكلب وأريحك منه فنهاه علي عن ذلك وتهدده بالقطيعة ورفق على سليط حتى كف عنه‏.‏

ثم إن وسيطًا دخل مع علي بستانًا له بظاهر دمشق فنام علي فجرى بين عمر الدن وسليط كلام فقتله عمر ودفنه في البستان واعانه عليه مولى لعلي وهربا وكان لسليط صاحب قد عرف دخوله البستان ففقده فأتى أم سليط فأخبرها وفقد علي أيضًا عمر الدن مولاه فسأل عنهما وعن سليط فلم يخبره أحد وغدت أم سليط إلى باب الوليد فاستغاثت على علي فأتى الوليد من ذلك ما أحب فأحضر عليًا وسأله عن سليط فحلف أنه لم يعرف خبره وانه لم يأمر فيه بأمر فأمره بإحضار عمر الدن فحلف بالله أنه لم يعرف موضعه فأمر الوليد بارسال الماء في أرض البستان فلما انتهى إلى موضع الحفرة التي فيها سليط انخسفت وأخرج منها سليط فأمر الوليد بعلي فضرب وأقيم في الشمس وألبس جبة صوف ليخبره حبر سليط ويدله على عمر الدن فلم يكن عنده علم ثم شفع فيه عباس بن زياد فأخرج إلى الحميمة وقيل إلى الحجر فأقام به حتى هلك الوليد وولي سليمان فرده إلى دمشق‏.‏

وكان هذا مما عدة المنصور على أبي مسلم حين قتله وقال له‏:‏ زعمت أنك ابن سليط ولم زكان سبب مودة الوليد على علي بن عبد الله أن اباه عبد الملك بن مروان طلق امرأته ابنها ابنة عبد الله بن جعفر فتزوجا علي فتغير له عبد الملك وأطلق لسانه فيه وقال‏:‏ إنما صلاته رياء وسمع الوليدذلك من أبيه فبقي في نفسه‏.‏

وقيل‏:‏ إن أبا مسلم كان عبداظً وكان سبب انتقاله إلى بني العابس أن بكير بن ماهان كان كاتبًا لبعض عمال السند فقدم الكوفة فاجتمع هو وشيعة بني العباس فغمز بهم فأخذوا فحبس بكير وخلي عن الباقين وكان في الحبس يونس أبو عاصم وعيسى بن معقل العجلي ومعه أبو مسلم يخدمه فدعاهم بكير إلى رأيه فاجابوه فقال لعيسى بن معقل‏:‏ ما هذا الغلام منك قال‏:‏ مملوك‏.‏

قال‏:‏ أتبعه قال‏:‏ هو لك‏.‏

قال‏:‏ أحب أن تأخذ ثمنه‏.‏

قال‏:‏ هو لك بما شئئت فأعطاه أربعمائة درهم ثم خرجوا من السجن فبعث به بكير إلى إبراهيم الإمام فدفعه إبراهيم إلى أبي موسى السارج فسمع منه وحفظ ثم سار مترددًا إلى خراسان‏.‏

فسار إليها فنزل على سليمان بن كثير وكان من أمره ما نذكره سنة سبع وعشرين ومائة إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد كان أبو مسلم رأي رؤيا قبل ذلك استدل بها على ملك خراسان فظهر أمرها فلما ورد نيسابور نزل بوناباذ وكانت عامرة فتحدث صاحب الخان الذي نزله ابو سملم بذلك وقال‏:‏ إن هذا يزعم أنه يلي خراسان‏.‏

فخرج أبو مسلم لبعض حاجته فعمد بعض المجان فقطع ذنب حماره فلما عاد قال لصاحب الخان‏:‏ من فعل هذا بحماري قال‏:‏ لا ادري‏!‏ قال‏:‏ ما اسم هذه المحلة قال‏:‏ بوناباذ‏.‏

قال‏:‏ إن لم أصيرها كنداباد فلست بأنبي مسلم‏.‏

فلما ولي خراسان أخربها‏.‏

  ذكر الحرب بين بلج وابني عبد الملك ووفاة بلج وولاية ثعلبة بن سلامة الأندلس في هذه السنة كان بالأندلس حرب شديدة بين بلج وأمية وقطن ابني عبد الملك بن قطن وكان سببها أنهما لما هربا من قرطبة كما ذكرناه فلما قتل أبوهما استنجدا بأهل البلاد والبربر فاجتمع معهما جمع كثير قيل كانوا مائة ألف مقاتل فسمع بهم بلج والذين معه فسار إليهم والتقوا واقتتلو تقالًا شديدًا وجرح بلج جراحات ثم ظفر بابني عبد الملك والبربر ومن معهم وقتل منهم فأكثر وعاد إلى قرطبة مظفرًا منصورًا فبقي سبعة أيام ومات من الجراحات التي فيه وكانت وفاته في شوال من هذه السنة وكانت ولايته أحد عشر شهرًا‏.‏ فلما مات قدم أصحابه عليهم ثعلبة بن سلامة العجلي للأن هشام ابن عبد الملك عهد إليهم‏:‏ إن حدث ببلج وكلثوم حدث بالأمير ثعلبة فقام بالأمر وثارت في أيامه البربر بناحية ماردة فغزاهم فقتل فيهم فأكثر وأسر منهم ألف رجل وأتى بهم إلى قرطبة‏.‏

  ذكر عدة حوادث

وفيها غزا سليمان بن هشام الصائفة فلقي أليون ملك الروم فغنم‏.‏

وفيها مات محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في قول بعضهم ووصى إلى ابنه إبراهيم بالقيام بأمر الدعوة إليهم‏.‏

وحج الناس هذه السنة محمد بن هشام بن إسماعيل‏.‏

وفيها مات محمد بن مسلم بن شهاب الزهري وكان مولده سنة ثمان وخمسين وقيل سنة خمسين‏.‏

  ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومائة

  ذكر وفاة هشام بن عبد الملك

وفيها مات هشام بن عبد الملك بالرصافة لست خلون من شهر ربيع الآخر وكانت خلافته تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وواحدًا وعشرين يومًا وقيل‏:‏ وثمانية ونصفًا وكان مرضه الذبحة وعمره خمس وخمسون سنة وقيل ست وخمسون سنة فملا مات طلبوا قمقمًا من بعض الخزان

يسخن فيه الماء لغسله فما أعطاهم عياض كاتب الوليد على ما نذكره فاستعاروا قمقمًا وصلى عليه ابنه مسلمة ودفن بالرضافة‏.‏

  ذكر بعض سيرته

قال عقال بن شبة‏:‏ دخلت على هشام وعليه قباء فنك أخضر فوجهني إلى خراسان وجعل يوصيني وأنا أنظر إلى القبا ففطن فقال‏:‏ مالك فقلت‏:‏ رأيت عليك قبل أن تلي الخلافة قباء مثل هذا فجعلت أتأمل أهو هذا أم غيره‏.‏

فقال‏:‏ هو والله ذاك وأما ما ترون من جمعي المال وصونه فهو لكم‏.‏

قال‏:‏ وكان محشوًا عقلًا‏.‏

وقيل‏:‏ وضرب رجل نصراني غلامًا لمحمد بن هشام فشجعه فذهب خصي لمحمد فضرب النصراني وبلغ هشامًا الخبر وطلب الخصي فعاذ بمحمد فقال له محمد‏:‏ ألم آمرك فقال الخصي‏:‏ بلى والله قد أمرتني‏.‏

فضرب هشام الخصي وشتم ابنه‏.‏

قال عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس‏:‏ جمعت دواوين بني أمية فلم أر ديوانًا أصح ولا أصلح للعامة والسلطان من ديوان هشام‏.‏

وقيل‏:‏ وأتي هشام برجل عنده قيان وخمر وبربط فقال‏:‏ اكسروا الطنبور على رأسه‏.‏

فبكى الشيخ لما ضربع‏.‏

فقال‏:‏ عليك بالصبر‏.‏فقال‏:‏ اتراني أبكي للضرب إنمكا أبكي لاحتقاره البربط إذ سماه طنبورًا‏!‏ قال‏:‏ وأغلظ رجل الهشام فقال له‏:‏ ليس لك أن تغلظ لإمامك‏.‏

قيل‏:‏ وتفقد هشام بعض ولده فلم يحضر الجمعة فقال‏:‏ ما منعك من الصلاة قال‏:‏ نفقت دابتي‏.‏

قال‏:‏ أفعجزت عن المشي فمنعه الدابة سنةً‏.‏

قيل‏:‏ وكتب إلى بعض عماله‏:‏ قد بعثت إلى أمير المؤمنين بسلة دراقن وكتب إليه‏:‏ قد وصل الدراقن فأعجب أمير المؤمنين فزد منه واستوثق من الدعاء‏.‏

وكتب إلى عامل له قد بعث بكمأة‏:‏ قد وصلت المأة وهي أربعون وقد تغير بعضها من حشوها فاذا بعثت شيئًا فأجد حشوها في الطرق بالرمل حتى لا تضطرب ولا يصيب بعضها بعضًا‏.‏

وقيل له‏:‏ أتطمع في الخلافة فأنت بخيل جبان‏!‏ قال‏:‏ ولم لا أطمع فيها وأنا حليم عفيف قيل‏:‏ وكان هشام ينزل الرصافة وهي نمن أعمال قنسرين وكان الخلفاء قبله وأبناء الخلفاء يبتدرون هربًا من الطاعون فينزلون البرية فلما أراد هشام أن ينزل الرصافة قيل له‏:‏ لا تخرج فإن الخلفاء لا يطعنون ولم ير خليفة طعن‏.‏

قال‏:‏ أتريديون أن تجربوا في فنزلها وهي مدينة رومية‏.‏

قيل إن الجعد بن درهم أظهر مقالته يخلق القرآن أيام هشام بن عبد الملك فاخذه هشام وأرسله إلى خالد القسري وهو أمير العراق وأمره بقتله فحبسه خالد من الحبس في وثاقة فلما صلى العبد يوم الأضحى قال في آخر خطبته‏:‏ انصرفوا وضحوا يقبل الله منكم فإني أريد أن أضحي اليوم بالجعد بن درهم فإنه يقول‏:‏ ما كلم الله موسى ولا اتخذ إبراهيم خليلًا تعالى

قيل‏:‏ إن غيلان بن يونس وقيل ابن مسلم أبا مروان أظهر القول بالقدر في أيام عمر بن عبد العزيز فأحضره عمر واستتابه فتاب ثم عاد إلى الكلام فيه أيام هشام فأحضره من ناصرة ثم أمر به فقطعت يداه ورجلاه ثم امر به فصلب‏.‏

قيل‏:‏ وجاء محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بالخطاب إلى هشام فقال‏:‏ ليس لك عندي صلة قم قال‏:‏ أياك أن يغرك أحد فيقول ام يعرفك أمي المؤمنين إني قد عرفتك وأنت محمد بن زيد فلا تقيمن وتنفق ما معك فليس لك عندي صلة الحق بأهلك‏.‏

قال مجمع بن يعقوب الأنصاري‏:‏ شتم هشام رجلًا من الأشراف فوبخه الرجل قال‏:‏ أما تستحي أن تشتمني وأنت خليفة الله في الرض فاستحيا منه وقا‏:‏ اقتص مني‏.‏

قال‏:‏ إذًا أنا سفيه مثلك‏.‏

قال‏:‏ فخذ مني عوضًا من المال‏.‏

قال‏:‏ ما كنت لأفعل‏.‏

قال‏:‏ فهبها لله‏.‏

قال‏:‏ هي لله ثم لك‏.‏

فنكس هشام رأسه واستحيا وقال‏:‏ والله لا أعود إلى مثلها أبدًا‏.‏

  ذكر بيعة الوليد بن يزيد ابن عبد الملك

قيل‏:‏ وكانت بيعته لست مضين من شهر ربيع الآخر من السنة وقد تقدم عقد أبيه ولاية العهد

له بعد أخيه هشام بن عبد الملك وكان الوليد حين جعل ولي عهد بعد هشام ابن إحدى عشرة سنة ثم عاش من بعد ذلك فبلغ الوليد خمس عشرة سنة فكان يزيد يقول‏:‏ الله بيني وبين من جعل هشامًا بيني وبينك‏.‏

فلما ولي هشام أكرم الوليد بن يزيد حتى ظهر من الوليد مجون وشرب الشراب وكان يحمله على ذلك عبد الصمد بن عبد الأعلى مؤدبه واتخذ له ندماء فأراد هشام أن يقطعهم عنه فولاه الحج سنة ست عشرة ومائة فحمل معه كلابًا في صناديق وعمل قبة على قدر الكعبة ليضعها على الكعبة وحمل معه الخمر وأراد أن ينصب القبة على الكعبة ويشرب فيها الخمر فحرمه أصحابه وقالوا‏:‏ لا نأمن الناس عليك وعلينا معك‏.‏

فلم يفعل‏.‏

وظهر للناس منه تهاون بالدين واستخفاف فطمع هشام في البيعة لابنه مسلمة وخلع الولي وألاد الوليد على ذلك فأبى فقال له‏:‏ اجعله بعدك فأبى فتنكر له هشام وأضر به وعمل سرًا في البيعة لابنه مسلمة فأجابه قوم وكان ممن أجابه خالاه محمد وإبراهيم ابنا هشام بن إسماعيل وبنو القعقاع بن خليد العبسي وغيرهم من خاصته فأفرط الوليد في الشراب وطلب اللذات فقال له هشام‏:‏ ويحك يا وليد والله ما أدري أعلى الإسلام أنت أم لا‏!‏ ما تدع شيئًا من المنكر إلا أتيته غير متحاش فكتب إليه الوليد‏:‏ يا أيها السائل عن ديننا نحن على دين أبي شاكر فغضب هشام على ابنه مسلمة وكان سكنى أبا شاكر وقال له‏:‏ يعيرنيالوليد بك وأنا ارشحك للخلافة‏!‏ فألزمه الأدب وأحضره الجماعة وولاه الموسم سنة تسع عشرة ومائة فأظهر النسك واللين ثم إنه قسم بمكة والمدينة أموالًا فقال مولى لأهل المدينة‏:‏ يا أيها السائل عن ديننا نحن على دين أبي شاكر الواهب الجرد بأرسانها ليس بزنديق ولا كافر يعرض بالوليد‏.‏

وكان هشام يعيب الوليد ويتنقصه ويقصر بهن فخرج الوليد ومعه ناس من خاصته ومواليه فنزل بالأزرق على ماء له بالأردن وخلف كاتبه عياض ين مسلم عند هشام ليكاتبه بما عندهم وقطع هشام عن الوليد ما كان يجرى عليه وكاتبه الوليد فلم يجبه إلى رده وأمره بإخراج عبد الصمد من عنده وأخرجه وسأله أن يأذن لابن سهيل في الخروج إليه فضرب هشام ابن سهيل وسيره وأخذ عياض بن مسلم كاتب الوليد فضربه وحبسه فقال الوليد‏:‏ من يثق بالناس ومن يصنع المعروف‏!‏ هذا الأحوال المشؤوم قدمه أبي على أهل بيته وصيره ولي عهده ثم يصنع بي ما ترون لا يعلم أن لي في أحدٍ هوى إلا عبث به‏!‏ وكتب إلى هشام في ذلك يعاتبه ويسأله أن يرد عليه كاتبه فلم يرده فكتب إليه الوليد‏:‏

تثير على الباقين مجنى ضغينه فويل لهم إن مت من شر ما تجني كأني بهم والليت أفضل قولهم ألا ليتنا والليت إذ ذاك لا يغني كفرت يدًا من منعمٍ لو شكرتها جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن فلم يزل الوليد مقيمًا في تلك البرية حتى مات هشام فلما كان صبيحة اليوم الذي جاءته فيه الخلافة قال لأبي الزبير المنذر بن أبي عمرو‏:‏ ما انت علي ليلة من عقلت عقلي أطول من هذه الليلة‏!‏ عرضت لي هموم وحدثت نفسي فيها بأمور هذا الرجل يعني هشامًا قد أولع بي فاركب بنا نتنفس‏.‏ فركبا وسارا ميلين‏.‏

ووقف على كثيب فنظر إلى رهج فقال‏:‏ هؤلاء رسل هشام نسأل الله من خيرهم إذ بدا لاجلان على البريد أحدهما مولى لأبي محمد السفياني والآخر جردبة فلما قربا نزلا يعدوان حتى دانوا منه سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل‏.‏

فقرأه وسأل مولى أبي محمد السفياني عن كاتبه عياض فقال‏:‏ لم يزل محبوسًا حتى نزل بهشام الموت فأرسل إلى الخزان وقال‏:‏ احتفظوا بما في أيديكم فأفاق هشام فطلب شيئًا فمنعوه فقال‏:‏ إنا لله كنا خزانًا للويلد‏!‏ ومات من ساعته وخرج عياض من السجن فتم أبواب الخزائن وأنزل هشامًا عن فرشه وما وجدوا له قمقمًا يسخن له فيه الماء حتى استعاروه ولا وجدوا كفنًا من الخزائن فكفنه غالب مولاه فقال‏:‏ وملكنا من بعد ذا ك فقد أورق الشجر فاشكروا الله إنه زائد كل من شكر وقيل‏:‏ إن هذا الشعر لغير الوليد‏.‏

فلما سمع الوليد موته كتب إلى العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان أن يأتي الرضافة فيحمي ما فيها من أموال هشام وولده وعياله وحشمه إلا مسلمة بن هشام فإنه كلم أباه في الرفق بالوليد‏.‏

فقدم العباس الرصافة ففعل ما كتب به الوليد إليه وكتب به إلى الوليد فقال الوليد ليت هشامًا كان حيًا يرى محلبه الأوفر قد أترعا ويروى‏:‏ ليت هشامًا عاش حتى يرى مكياله الأوفر قد طبعا كلناه بالصاع الذي كاله وما ظلمناه به إصبعا وما أتينا ذاك عن بدعةٍ أحله الفرقان لي أجمعا وضيق على أهل هشام وأصحابه فجاء خادم لهشام فوقف عند قبره وبكى وقال‏:‏ يا أمير المؤمنين لو رأيت ما يصنع بنا الوليد‏.‏

فقال بعض من هناك‏:‏ لو رأيت ما صنع بهشام لعلمت أنك في نعمة لا تقوم بشكرها‏!‏ إن هشامًا في شغل مما هو فيه عنكم‏.‏

واستعمل الوليد العمال وكتب إلى الآفاق بأخذ البيعة فجاءته بيعتهم وكتب إله مروان بن محمد ببيعته استأذنه في القدوم عليه‏.‏

فلما ولي الوليد أجرى على زمنى أهل الشام وعميهم وكساهم وأمر لكل إنسان منهم بخادم وأخرج لعيالات الناس الطيب والكسوة وزادهم وزاد الناس في العطاء عشرات ثم زاد أهل الشام بعد العشرات عشرةً عشرةً وزاد الوفود ولم يقل في شيء يسأله إلا وقال‏:‏ ضمنعت لكم إن لم تعقني عوائق بأن سماء الضر عنكم ستقلع سيوشك إلحاق معًا وزيداة وأعطية مني عليكم تبرع محرمكم ديوانكم وعطاؤكم به تكتب الكتاب شهرًا وتطبع قال حلم الوادي المغني‏:‏ كنا مع الوليد وأتاه خبر موت هشام وهنئ بولايت الخلافة وأتاه القضيب والخاتم ثم قال‏:‏ فأمسكنا سعة ونظرنا إليه بعين الخلافة فقال‏:‏ غنوني‏:‏ طاب يومي ولذ شرب السلافه وأتانا نعي من بالرصافة وأتانا البريد ينعى هشامًا وأتانا بخاتم للخلافة فاصطبحنا من خمر عانة صرفًا ولهونا بقينةٍ عرافه وحلف أن لا يبرح من موضعه حتى يغني في هذا اشعر ويشرب عليه ففعلنا ذلك ولم نزل نغني قم إن الوليد هذه السنة عقد لابنيه الحكم وعثمان البيعة من بعده وجعلهما وليي عهده أحدهما بعد الآخر وجعل الحكم مقدمًا وكتب بذلك إلى الأمصار العراق وخراسان ذكر ولاية نصر بن سيار خراسان للوليد في هذه السنة لى الوليد نصر بن سيار خراسان كلها وأفرده بها قم وفد يوسف بن عمر على الوليد فاشترى منه نصرًا وعماله فرد إليه الوليد ولاية خراسان وكتب يوسف إلى نصر يأمره بالقدوم ويحمل معه ما قدر عليه من الهديايا والأموال وأن يقدم معه بعياله أجميعين وكتب الوليد إلى نصر يأمره أن يتخذ له برابط وطنابير وأباريق ذهب وفضة وأن يجمع له كل صناجه بخراسان وكل بازي وبرذون فاره ثم يسير بكل ذلك بنفسه في وجوه أهل خراسان‏.‏

وكان المنجمون قد أخبروانصرًا بفتنة تكون وألح يوسفعلى نصر بالقدوم وأرسل اليه رسولاٍ في ذلك وأمره أن يستحثه أوينادي في الناس أنه قد خلع‏.‏

فأرضى نصر الرسول واجازه فلم يمض لذلك إلايسير حتى وقعت الفتنة‏.‏

فتحول القصره بماجان واتخلف عصمة بن عبد الله الأسدي على خرسان وموسى بن ورقاء بالشاش وحسان من أهل الصغانيان بسمرقند ومقاتل بن علي السعدي بأمل وامرهم إذابلغهم خروجه من مرو ان يستجلبوا الترك ليعيروا ما وراء النهر فبينا هو يسير الى العراق طرقه مولى لبني ليث وأعلمه بقتل الوليد فلما أصبح أذن للناس وأحضر رسل الوليد وقال لهم‏:‏ قد كان من مسيري ما علمتم وبعثي بالهدايا ما رأيتم وقد كان قدم الهدايا فبلغت بهيق وطرقني فلان ليلًا فأخبرني أن الوليد قد قتل ووقعت الفتنة بالشام وقدم المنصور بن جمهور العراقنوهرب يوسف بن عمر ونحن بالبلاد التي علمتم وكثت عدونا‏.‏

فقال سالم بنأحوز‏:‏ أيها لأمير إنه بعض مكايد قريش أرادو تهجين طاعتك فسر ولاتمتحنا فقال‏:‏ يا سالم أنت رجل لك علم بالحرب وحسن طاعة لبني أمية فأما مثل هذه الأمور فيها راي أمية ورجع بالناس‏.‏